البلدة

كانت عبوين، خلال الفترة العثمانيّة، قرية ناحية (قرية كرسي) لأربع وعشرين قرية مجاورة.  كما كانت المركز الذي استخدمه الشيخ سحويل، الذي كان يحكم منطقة بني زيد الشرقيّة، ليجمع الضرائب للحكومة العثمانيّة المركزيّة.

 

اشتهرت عبوين بإنتاج الجوز والتين، وكان فلّاحوها يبيعون محاصيلهم في سوق الخضار المركزيّ في نابلس خلال النصف الثاني من القرن العشرين.  إلّا أنّ عدداً من العوامل دفعت إلى التغيير في الاقتصاد المحلّيّ للقريّة، من بينها أنّ مغتربي عبوين بدأوا يرسلون الأموال لعائلاتهم المقيمة في القرية، ومنها أيضاً بزوغ مصادر دخل غير معتمدة على الزراعة، الأمر الذي أدّى إلى تدهور الزراعة في عبوين.

 

اليوم، تبحث الأجيال الحديثة في عبوين عن فرص للدراسة الجامعيّة ومن بعدها التوظيف الحكوميّ أو في القطاع الخاصّ، أو تنضمّ إلى قطاع البناء والتشييد الذي يشهد ازدهاراً خاصّاً في منطقة رام الله والبيرة.  كما أنّ العديد من العمّال والمهنيّين وجدوا فرص توظيف في مدينة روابي التي بني جزء منها على أراضي عبوين.

 

كما هو عليه الحال، أدى التدهور في قطاع الزراعة في عبوين إلى تفريغ البلدة القديمة من سكّانها.  وساهم بزوغ ظاهرة العمالة المأجورة بعد سنة 1967 في توجّه السكّان إلى بناء بيوت إسمنتيّة على سفح الجبل بموازاة الطريق الرئيسيّ الذي يربط القرية بالقرى والبلدات المجاورة.  يوجد اليوم تمايز واضح بين "الظهر" أيّ الحارة الفوقا المعمّرة حديثاً على أعلى التلّة، وبين "القعر" أيّ البلدة القديمة (الحارة التحتا) على الجبل الأخفض.

المركز التاريخي

تقع بلدة عبوين القديمة على تلّة منعزلة محاطة بكروم الزيتون واللوزيّات وعيون المياه، ويسكن في البلدة القديمة اليوم 45 عائلة.  لا تزال العديد من هذه العائلات، التي لا تملك أن تنتقل إلى الأجزاء الأحدث من البلدة، تعمل في حقولها الزراعيّة وتعتني بماشيتها.  ولا تزال القرية مشهورة بخبزها البلديّ المنزلي.

 

تتمتّع البلدة القديمة في عبوين، التي تتألّف من 230 مبنى تاريخيّاً، بالعديد من المواقع البارزة من الناحية الأركيولوجيّة كما من الناحية المعماريّة.  واحد من هذه المواقع هو قلعة سحويل.  هذه القلعة الحضريّة –من ناحية الحجم والشكل– هي قلعة نموذجيّة لقلاع قرى الكراسي بمخطّطها مربّع الشكل تقريباً، وبطابقيها والقناطر المحيطة بالساحة الرئيسية.

 

حين بدأ رواق مشروع إعادة إحياء البلدة القديمة في عبوين سنة 2011، كان العديد من المباني المهجورة في القرية خراباً كاملاً، وباتت الحدود بين المشيّد ومحيطه غير المبنيّ متداخلة وغير واضحة.  كان هناك ثلاث عائلات فقط تسكن الأحياء المهجورة في البلدة القديمة.  في ذلك الوقت، بدت فكرة ’إعادة الحياة‘ إلى النسيج المهجور المتداعي أمراً لا يمكن تحقيقه.  على الرغم من هذه الظروف، كان هناك ثلاثة أشياء حافظت على ارتباط أهل عبوين ببلدتهم القديمة: ينابيع المياه حيث يذهب الأهالي للتنزّه وقضاء الوقت؛ جامع البلدة القديم التاريخيّ، خاصّة للصلاة يوم الجمعة؛ وأخيراً المقبرة حيث يرقد جميع موتى عبوين.

 

 

إعادة الإحياء

كان التحدّي أمام رواق ثلاثيّاً: تحسين الظروف المعيشيّة لسكّان البلدة القديمة الحاليّين؛ وإنقاذ الأجزاء المهجورة من التدهور الإضافيّ؛ وخلق رابط واضح بين البلدة القديمة والمناطق الأحدث الأكثر تطوّراً في البلدة. وخلال عمل رواق الترميميّ مدّة ثلاثة أعوام، تمّ استخدام الفراغات المفتوحة حول المباني القديمة كوسيط لإعادة الحياة إلى البلدة القديمة. فقد شكّلت هذه الفضاءات التاريخية في عبوين من عتبات المداخل، والأحواش، والساحات، والأزقة، وكروم الزيتون، والينابيع، شكّلت جميعها حاضنات لثقافة الفلّاحين التي كانت يوماً عالية الإنتاج والتشاركيّة.  

 

بدأ رواق عمله على تنفيذ "مُتنزه أثري" في محاولة للحفاظ وتثبيت النسيج المتدهور في الأحياء التاريخية المهجورة.  في هذا المشروع، تمّ تحويل العديد من السقائف المهدمة، والتي لم يبقى منها سوى جدرانها الحجرية، إلى شبكة من الفضاءات الصغيرة المفتوحة مرتبطة بالأحواش المحيطة وساحة البلد والأزقة، المفتوحة بدورها على المشهد الطبيعيّ الذي يزوره السكّان للتنزّه وللرحلات والنشاطات العائليّة.  بهذه الطريقة، تصبح الفراغات المفتوحة التاريخيّة مكاناً يقصده أهالي البلدة، ويكون لها دور أساسيّ في إعادة إحياء المباني التاريخيّة حولها.  وبحسّ مجتمعيّ عال – من خلال الاحتفالات والنشاطات الاجتماعيّة في الهواء الطلق في البلدة القديمة – ستكون الفراغات الخارجيّة المعاد تأهيلها، الخيط المشترك الذي يربط "القعر" التاريخيّ والمهجور بـ "الظهر" الحارة الفوقا المسكونة.

 

كانت الفكرة أن تتحوّل أطلال المباني إلى فراغات مفتوحة، متعدّدة الوظائف والمعاني والحدود.  لتدمج العلاقة بين الفضاء العامّ والفضاء الخاصّ، ولتدمج العلاقة بين الداخليّ والخارجيّ من الفراغات.

 

Protection plan

In partnership with 'Abwein’s municipality, a protection plan for the historic center was prepared. This included identifying all of 'Abwein's historic buildings and archeological sites, delineating the boundaries of the historic center, and proposing a set of planning by-laws to guarantee the protection of the village’s cultural heritage properties. 

reg
خرائط ورسومات